دراسة لتحسين خواص التربة والحد من آثار الملش الاسود
10/22/2023

الباحثة ميسون العمرو

المركز الوطني للبحوث الزراعية

قامت الباحثة ميسون العمرو بإجراء دراسة بحثية سابقة في منطقة الربه تتعلق بتقييم الملش القابل للتحلل الحيوي للحد من إستخدام الملش الزراعي الاسود(البلاستيكي) وآثاره السلبية على البيئة .

وقالت العمرو إن المركز يعمل على إيجاد الحلول للعديد من التحديات التي تواجه القطاع الزراعي بشقية النباتي والحيواني وخاصة التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية والبيئية حيث يعد الملش الاسود من التحديات البيئية نظراً لوجود مخلفات الملش في التربة إضافة إلى نفوق عدد كبير من الحيوانات الرعوية بسبب تناولها الملش الاسود.

حيث اشارت الى ان الملش يوجد بكميات كبيرة جدا في المناطق الزراعية، وبخاصة في مناطق الاغوار، و المفرق ، حيث تنتشر بقايا الملش البلاستيكي من هذه الحقول إلى البيئة المحيطة والتي تسبب ضررًا للماشية عن طريق ابتلاعها وبحسب خبرات بيطرية فإن تلك المواد تشكل كتلا صعبة الهضم في احشاء المواشي، بحيث تغلق الامعاء، وتتسبب تلبك الامعاء ومن ثم النفوق.

وقالت العمرو ان المركز الوطني وجه فريق الدراسة الى توسيع نطاق البحث ليشمل جميع النظم البيئية في المملكة من خلال المحطات البحثية المنتشرة على امتداد ارض الوطن ، حيث سوف تستهدف وادي الاردن ،المفرق ،مادبا ، اربد ، معان ، جرش وعجلون ونوهت العمرو الى ان إنتاج الخضروات على مصاطب مغطاة بالملش البلاستيكي واستخدام الري بالتنقيط اصبح نمطا شائعا لمعظم المزارعين في جميع أنحاء العالم، حيث يعتبر الملش البلاستيكي المصنع من مادة البولي إيثلين منخفض الكثافة غير مكلف نسبيًا، والذي يتمتع بقوة شد ممتازة لمقاومة التمزق عند تعرضه للرياح القوية، ومما لا شك فيه بان الملش البلاستيكي يوفر العديد من الفوائد لمنتجي الخضروات، فهو يحافظ على رطوبة التربة، ويزيد من درجة حرارتها، ويزيد من توافر العناصر الغذائية، ويكافح الأعشاب الضارة، ويقلل الوقت اللازم للإنبات، ويزيد الإنتاج، ويحسن جودة الخضروات، ولكن على الرغم من تلك الفوائد، فإن إزالة الملش البلاستيكي والتخلص منه في نهاية الموسم تحتاج إلى مزيد من الجهد وتكلفة إضافية والتي أصبحت مشكلة كبيرة بالنسبة للمزارعين .

وتابعت العمرو القول ان من أحد الخيارات المطروحة للتخلص من الملش البلاستيكي هو إعادة تدوير الملش المستخدم؛ غير أن إعادة التدوير محدودة لأن نسبة كبيرة من الملش ملوثة بالتربة والأسمدة والمبيدات الحشرية بالإضافة إلى ذلك، فهي عملية مكلفة بسبب ارتفاع تكلفة العمالة، لذا يقوم العديد من المزارعين بحرق الملش البلاستيكي في الحقل بعد نهاية الموسم الزراعي كوسيلة للتخلص منه، ومن المعلوم بأن لهذه الممارسة آثار سلبية على البيئة بسبب انبعاث الغازات والأبخرة السامة والضارة إلى الهواء.

واضافت العمرو ان من القضايا المتعلقة باستخدام الملش البلاستيكي الزراعي والتي هي الأكثر إثارة للقلق لدى العديد من الباحثين الإزالة غير الكاملة للملش البلاستيكي بعد الاستخدام تؤدي إلى العديد من العواقب السلبية على البيئة الزراعية بسبب تراكم البولي إيثلين في التربة، حيث أشار العديد من الباحثين إلى أن بقايا الملش البلاستيكي الزراعي الموجودة في التربة يمكن أن يقلل من جودة التربة وإنتاج المحاصيل، لأن هذه المخلفات قد تتداخل مع التغير الهيكلي الفيزيائي للتربة، وقد تقلل من نمو جذور المحصول اللاحق، وكفاءة الآلات الزراعية، ، الامر الذي نبه الباحثين إلى إيجاد بدائل للتغلب على عيوب استخدام الملش الزراعي التقليدي حيث تم تطوير الملش القابل للتحلل ليكون بديلاً للملش البلاستيكي المصنع من البولي إيثلين وطرحه في السوق في عام 1980 حيث كانت المنتجات الأولى عبارة عن ملش بلاستيكي قابل للتحلل الضوئي بحيث يحدث التحلل استجابة للضوء، إلا أنه اظهر مشكلة التحلل غير الكامل وغير المتساوي تحت سطح التربة حيث لا يوجد انبعاث للضوء، بالإضافة إلى ذلك ترك الملش القابل للتحلل الضوئي الكثير من بقايا البلاستيك في التربة، المنتج الآخر كان عبارة عن الملش الورقي الزراعي القابل للتحلل، والتي كانت محدودة الاستخدام بسبب صعوبة وضعها وكانت عرضة للتمزق، واجهت هذه الإصدارات المبكرة من الملش القابل للتحلل مشكلات، فهي لا تلبي توقعات التحلل، فهي إما تتحلل بسرعة كبيرة جدًا وتترك المحصول دون حماية أو تتحلل بشكل غير كامل وتتطلب إزالة يدوية مع أجزاء صغيرة ثابتة من المخلفات.

واشارت العمرو إلى ان الأبحاث الأكاديمية والصناعية النشطة التي اجريت مؤخرا حول استخدام البوليمرات القابلة للتحلل في التطبيقات الزراعية إلى انتاج الملش القابل للتحلل الحيوي، و البوليمرات القابلة للتحلل الحيوي، كما حددتها الجمعية الأمريكية للاختبارات والمواد (ASTM)، هي بوليمرات قابلة للتحلل بفعل الكائنات الحية الدقيقة مثل البكتيريا والفطريات، تم اختبار الملش القابل للتحلل الحيوي في المختبرات من قبل باحثين متخصصين، ومن ثم تم تقييمها في العديد من الدراسات الميدانية والذي أصبح محط اهتمام العديد من الباحثين للتأكد من أنه يوفر نفس المزايا التي يوفرها الملش البلاستيكي الزراعي المستخدم حاليا من حيث الحفاظ على بيئة مناسبه لنمو النبات، وتعزيز إنتاجية المحاصيل حيث أظهرت العديد من الدراسات قدرة الملش الزراعي القابل للتحلل الحيوي في التأثير الإيجابي على الاحتفاظ برطوبة التربة وتوفير درجة حرارة تربة بالإضافة الى تعزيز محتوى الكربون العضوي في التربة وكذلك التأثير المفيد على المجتمعات الميكروبية داخل التربة، كما اشارت العديد من الدراسات والأبحاث بان الملش الزراعي القابل للتحلل الحيوي يؤثر بشكل إيجابي على نمو النبات وإنتاجيته بصورة مماثلة للملش الزراعي التقليدي. اما فيما يتعلق بالدراسات التي أجريت لتقييم قدرة هذا النوع من الملش الزراعي على التحلل، أظهرت نتائج الدراسات بانه يتحلل بسهولة أكبر من الملش البلاستيكي (البولي إيثلين).

وختمت العمرو القول ان نتائج العديد من الدراسات توصلت إلى رؤية شبه مؤكدة مفادها أن الملش القابل للتحلل الحيوي من شأنه أن يسمح للمزارع الحصول على نفس الفوائد التي كان يوفرها الملش الزراعي البلاستيكي (التقليدي) ولكن بطريقة مستدامة وامنة بيئيًا حيث أن نتائج الدراسات واعدة وتتحرك في اتجاه إيجابي ولا يزال الباحثون مستمرون في تقييم هذا النوع من الملش خلال دراساتهم الميدانية

عدد المشاهدات: 469